باتت شركات المحاماة والاستشارات القانونية المحلية تدرك أهمية التحليل القانوني للدعاوى، أو القضايا المسلمة إليها، ومدى ضرورة استخدام المنهجية العلمية القانونية، والإدارية في دراستها، بغية تقديم الحلول القانونية التي تشبع حاجات العملاء لديها، لاسيما مع ازدياد الميزات التنافسية فيما بينها والشركات الأجنبية المرخصة، ومدى قدرة كلاً منها على الصمود، والتفوق أمام المنافسين المتواجدين في سوق المحاماة والاستشارات القانونية.
لذلك تبدو أهمية التحليل القانوني في مدى قدرة المختص (محامي أو مستشار) على تدعيم موقفه أمام القاضي الناظر بموضوع الدعوى. سواء بالبيانات أو الشواهد أو الأدلة التي تؤثر في وجهة نظره حيال القضية المعروضة عليه، بحيث يجعله يستخلص حكمه وفق ما أعده مسبقاً عند مباشرته لعملية التحليل القانوني.
وعليه تسعى عملية التحليل القانوني إلى استخلاص القواعد، والأسس، والمبادئ الناظمة لها، الأمر الذي يرقى بمستواها إلى درجة التقيد بها في إجراءاتها، ومراحلها المختلفة عند النظر في القضايا المستهدف حلها بغية تلبية حاجات العملاء والشركاء بشكل أكثر كفاءة من الشركات الأجنبية.
ويعد المنهج التحليلي أساساً لتوضيح جوهر التحليل القانوني، فهو الذي يحدد المشكلة القانونية، ويكشف عنها كحقيقة موجودة بالفعل، وذلك بطرح التساؤلات الأساسية التي تولد الفكرة عنها، وتحتاج إلى إجابات قانونية علمية مستندة إلى الأحكام الشرعية، والفقهية، والأنظمة السارية.
ولا يستبعد المنهج الاحتمالي في التحليل القانوني لضرورته، بحيث يقوم المختص بطرح عدة احتمالات للإجابة عن المشكلة القانونية (المطروحة) ثم انتقاء أفضل هذه الاحتمالات، وأكثرها مناسبة لمواجهة المتغيرات التي قد تعترض سير الدعوى أو القضية المنظورة.
وبما أن أساس معرفة الشيء هو الإحاطة به وفهمه بصورة سليمة، حتى يمكن بعد ذلك بيان دوره في الواقع المطروح. لذا علينا ونحن نُقدم على دراسة موضوع التحليل القانوني في شركات المحاماة والاستشارات القانونية المحلية مقارنةً مع مثيلاتها الأجنبية، أن نحدد الإطار العام للتحليل القانوني، ومن ثم الغوص في جزيئاته وتفصيله، وذلك من خلال البحث في ماهيته.
ويتحدد الاطار العام للتحليل القانوني بمجموعة من القواعد، والأسس الناظمة لآليات سير العمل فيه، مما يستدعي الإقرار بضرورته في البيئة القانونية في ظل اشتداد التنافسية وسرعتها بين الشركات المحلية والأجنبية .
ويعرف التحليل القانوني بأنه: التفكيك والتجزئة للمحتوى القانوني المدروس، وبيان تفصيلاته، ومكوناته، من خلال القراءة المتأنية، والفهم العميق الذي يقود إلى تعين الحكم المحتمل الذي قد ينطق به القاضي عند النظر به.
من هنا لابد لشركات المحاماة والاستشارات القانونية من التمسك به وتحقيقه، لأنه الضامن الأساسي لإحداث التأثير على رأي القاضي، وفي توجيهه في إصدار الأحكام المتسقة مع الشريعة والأنظمة.
وتعد شركة الرفاعي والدهش للمحاماة والاستشارات القانونية رائدة في مجال التحليل القانوني من خلال مجموعة من كبار المختصين الإداريين والمحامين والمستشارين ولاسيما أنها تعتمد على مجموعة من الأنظمة الإلكترونية الخاصة بهذا المجال.
بحيث يبدأ العمل التحليلي لديها من خلال فرق العمل المختصة من تحديد المشكلة القانونية التي تعد نقطة الارتكاز الأساسية لانطلاق المختص في طرح التساؤلات، ماذا أدرس؟ لماذا أدرس؟ ماذا أريد الوصول إليه؟ كيف سأدرس؟
ومن ثم دراسة المشكلة القانونية التي تعبر عن ظاهرة القلق وعدم الرضا لدى العميل، ووضع الحلول التي تضمن رضائه في كافة مراحل التقاضي أو تقديم الاستشارة. ذلك أن الحاجة إلى تحقيق متطلباته من شركات المحاماة والاستشارات القانونية المحلية والأجنبية لا يكون إلا من خلال الإحاطة بها، والانتقال فيها من العام إلى الخاص.
وأسلوب التحليل يبدأ بداية بوضع عنوان لموضوع المشكلة القانونية المدروسة، ومن ثم جمع المعلومات الكافية عنها، وتحديد النقاط الرئيسية فيها، والانتقال إلى أقسامها وفروعها، من خلال البحث والتقصي سواء في النصوص الشرعية، أو النظامية، والآراء الفقهية، أو حتى في السوابق القضائية، وذلك بغية الوصول إلى المقارنة من ناحية المشترك، والمختلف بينها، ومن ناحية نقاط القوة والضعف، أو النقص والتناقض فيها أحد أهم أسباب النجاح والمعرفة فيها.
ثم تأتي أهمية طرح التساؤلات في الوصول إلى تكوين إطار نظري فكري للمشكلة القانونية يساعد على وصف واقع قانوني معين، وعلى تنظيم الجهد الهادف لفهم هذا الواقع القانوني للدعوى المرفوعة محل النظر، وتغييره بقوة الأدلة، والحجج، والمستندات لأغراض الشعور بالرضا لدى العميل في إيجاد الحل القانوني المستندة على القواعد القانونية الشرعية، والفقهية، والأنظمة، والأوامر الملكية، واللوائح الخاصة بها.
إن نجاح شركات المحاماة والاستشارات القانونية في التشخيص الموضوعي، والادراك الواقعي لأي مشكلة قانونية والتحديد التدقيق لأبعادها يؤدي إلى إقرار سياسات ناجعة لها، وفي المقابل فإن الإخفاق في اكتشاف أسبابها الحقيقية، أو عدم الإحاطة بجوانبها جميعاً قد يقود إلى إخفاق هذه الشركات في اختيار الحلول الملائمة لمعالجتها. لا سيما أمام تزايد أعداد الشركات الأجنبية الذين يسعون إلى إشباع حاجات العملاء أمام اخفاقات شركات المحاماة والاستشارات القانونية المحلية أحياناً، ويعود ذلك لأسباب عدة أهمها مستوى الخبرة والكفاءة التي يتمتع بها هؤلاء المحامون والمستشارون في حل المشكلات القانونية وتحليلها.
لذلك يعد النجاح في التحليل القانوني الأساس في توجيه القاضي في إصدار الأحكام لصالح العملاء المتعطشين لكسب القضية لصالحهم، وهذا ما ينتج عنه ميزة التنافسية بين الشركات المحلية والأجنبية.
وبنظرة على واقع أعمال تلك الشركات الأجنبية نجد أنها أصبحت تتخذ منحى التخصص هدفاً لها، فقد باتت تدخل في كل التفاصيل الدقيقة في كل مجال من المجالات القانونية. فلا يقتصر الأمر على البحث فرضاً في مجال القانون التجاري، وإنما الدخول في العمق بتحديد المختص مثلاُ في قضايا الأوراق المالية، وآخر في قضايا الأوراق التجارية، وهكذا حتى تتعمق في أدق تفاصيل القضية حتى تستطيع تقديم الحجج القانونية التي تدعم الحلول المقدمة أمام القاضي، وتؤدي به إلى القناعة بها وإصدار الحكم لصالحهم.
أمام هذا الواقع أضحى التحليل القانوني أمراً مفروضاً على الشركات المحلية أمام التنافسية للشركات الأجنبية، فلا يقتصر الأمر على الاستحواذ على عدد معين من الدعاوى، إنما أيضاً الطريقة للبقاء في سوق المحاماة والاستشارات القانونية، من هنا كانت الحاجة إلى التميز من خلال التميز بالتحليل القانوني الفريد الذي لا يمكن التخلي عنه، الامر الذي يضمن تعزيز ولاء العملاء للشركات المحلية أمام تنافسية الشركات الأجنبية.